روايه جاسر الجديده وكامله
المحتويات
اتكلم مكنتش قادر حتى أنطقها اتعاملت مع ۏفاتها زي أي راجل ما بيتعامل ما بين إجراءات وورق ووصية مش أكتر أنا لسه لحد دلوقت مش مستوعب فراقها .
وكأنما تحول الرجل الفارع الطول ذو الهيبة والمقدرة لطفل وحيد يتيم الأم دون سابق إنذار وبعاطفة لم تدر منبعها اقتربت منه وتلقفت رأسه بأحضانها صامتة وأناملها تدور بحركات ضاغطه على جوانب صدغيه حتی همست
.. کده أحسن
رفع حاجبيه وتنهد براحة لم يشعر بمثلها من قبل
.. أحسن كتير الصداع راح
ابتعد عنها للوراء قليلا حتى تاه في عيناها المتناقضتان فابتسمت له ببساطة وقالت بحزن وكأنما تتحدث عن نفسها هي الأخرى
فعبس معترضا
.. قصدك إني بهرب لكن أنا بحاول
وضعت يدها على فمه فجأة وأردفت
.. الهروب راحة بس هتدفع تمنها بعدين صدقني أنا فاهمة أنا بتكلم علي إيه وأنت كمان فاهم
عقد حاجبيه وهرب بأعينه بعيدا عن عنها فعيناها كأنما تنومه مغناطيسيا إن صح التعبير باستطاعتها سبر أغواره والتحكم بأفكاره والنبش بين ثنايا ماضيه المؤلم هزت رأسها وابتعدت عنه هي الأخرى عائدة لمكتبها وقالت بأمر صریح
مش حل
لقد أيقن أن الهرب بحالته مأزق وليس مخرج لذلك غادر وابتعد أعاد ترتيب أولويات حياته والنظر بعين الإعتبار لنواقصه المعنوية أولا ثم المادية نجح بشكل كبير في التغلب على معظم مشاكله والبدء بصفحة جديدة بحياته قد يكون كلفه الكثير كلفه فراق لم يدري بعد كيفيه التعامل معه ولكنه ليس متعجلا كما كان في السابق بل هو متقبل لنزعات الفراق وعواقبه يشعر بداخله خلقا الإنسان جديد إنسان يسعى للتعلم من سوابق أخطاءه وما يقض مضجعه ذاك الهاجس الذي يؤنبه ليلا أن يكون بالفعل فقدها وحتى إن تغير فلن تعود له أمسك الهاتف وللمرة العشرون ربما بعد المائة منذ أن غادر الإسكندرية حاول الإتصال بها ولكن كالعادة لم يستطع إكمال الاتصال وأغلق الهاتف حتى قبل أن تتزايد الأرقام لسبعة وعاد للواقع على صوت صديقه الذي كان يناديه
رفع كفه بهمة مودعا له
.. تمام متقلقش
وتمتم بعدها بخفوت لنفسه
.. مش هترجع يا زیاد إلا لما تستحقها
وصلت سالي لمكتب المحامي بمنتصف البلد في المعاد المقرر وتفاجئت بوجود نعمات في غرفة الاستقبال فأقبلت عليها الأخير بتحية حارة وهي ټحتضنها بشوق لها وللأطفال الذين ما انفك لسانها عن الدعاء لهم بصلاح الحال قاطعتهم مديرة مكتب المحامي قائلة
.. اتفضلوا حضراتكوا
أصرت نعمات أن تتقدمها سالي أولا فدخلت غرفة المحامي المخضرم الواسعة وألقت عليه التحية بهدوء واستقبلهم هو بحفاوة ولطف بالغ ودعاهم للجلوس قائلا
هزت سالي رأسها نافية وقالت مؤنبة
.. إزاي حضرتك إحنا عشرة مع بعض
رغم أنها كانت لا تطيق تلك المرأة إلا أنها في الأيام الأخيرة أثبتت لها ولأطفالها إخلاصا منقطع النظير لم يظهره له زوجها الذي عاشت بكنفه لسنوات فربنت نعمات على يدها بتقدير وهي تقول
.. ربنا يعلم بغلاوتك عندي والله
تنحنح مجدي حرجا وقال
.. حيث كده نبتدي مدام سوسن الله يرحمها كانت سايبه ليكم أظرف هديهالكم في نهاية الجلسة وليا أنا ظرفين بشأنكم هقراهم عليكم دلوقت ولو تحبوا كل واحدة تعرف محتوى ما يخصها لوحدها معنديش مانع
نظرت كلتاهما لبعض بتعجب وقالت سالي
.. أنا معنديش مانع خير
وفي نفس اللحظة ردت نعمات بأن لا مانع لديها أيضا فوضع المحامي عويناته وشرع في قراءة الوصيتان اللتان تركتهما الراحلة بصوت هادىء وتعالى الذهول ملامحهما حتى انتهى مجدي من قراءة الوصيتان فأغروقت أعين نعمات بالدموع وهي تترحم على مرؤوستها بصوت مرتفع وأردفت بشفاة مرتجفة
.. بس ده كتير بيت ووديعه وأنا بس كنت هسيب شغلي أنا هفضل في خدمة ولادها لحد آخر يوم في عمري
هز المحامي رأسه وقال
.. أنت تستاهلي كل خير يا دادة نعمات أنا هعتبر دي موافقة منك وهبتدي بكرة بإذن الله في الإجراءات هيا شددت في الوصية أن البيت اشتريهولك في الحتة اللي تعجبك مهما بلغت تكفلته وجاسر بيه أصر أن الوصايا تتنفذ بحاذفيرها
وضعت نعمات يدها على شفتيها المرتعشة فيما كانت سالی محدقة بذهول لم تتخطاه بعد وداخلها رغبة بالرفض تتصاعد أفصحت عنها بقوة
.. أنا مقدرش أقبل بالمبلغ ده مستحيل
التفتت نعمات لها وكذلك أنظار المحامي الدهشة قائلا
.. ليه بس يا مدام سالي
قامت سالي وهي لا تود تبرير رغبتها ليس لأنها لا تمتلك تبريرا هي تمتلك الآلآف ولكنه هو ونعمات لن يتفهما قط ولذلك آثرت الصمت وعدم الاعتراف بشيء قائلة
.. أرجوك دي رغبتي ومتشكرة جدا وآسفة إني ضيعت وقتك
هتف المحامي بها قبل أن تنصرف مسرعة
.. مدام سالي
التفتت له قائلة
..
متابعة القراءة