روايه جاسر الجديده وكامله

موقع أيام نيوز

من حقيبتها متأففة لتجيب بصوت جاهدت لتجعله لطيفا قدر الإمكان
.. أيوه يا بابا أنا خلصت نص ساعة وأكون في البيت 
رد والدها منفعلا
.. متتحرکیش من غير طارق هوا جايلك في السكة 
اشتعلت النيران في عروقها فأبيها أصبح يفرضه فرضا بين أدق خطوط حياتها اليومية وبالتالي أصبح الرسم الذي كانت تتعامل معه سابقا شاذا غير مألوف لعيناها
.. يا بابا مکنش له لزوم تتصل بيه تكلمه يجي 
فقال الأب مدافعا بمكر
.. یعني أسيبك تيجي لوحدك في أنصاص الليالي 
نظرت درية مرة ثانية لساعة معصمها وقالت وهي تجز على أسنانها الأمامية بغيظ
.. الساعة عشرة إلا ربع 
تنصل والدها سريعا من التبريرات التي لا طائل منها وقال
.. خلاص اللي حصل حصل وهوا جاي استنيه ميصحش الراجل ياخد المشوار على الفاضي 
وما أن أنهى إتصاله حتى رن هاتفها مرة أخرى فتمتمت درية بغيظ
.. طبعا ما أنت كمان لازم تديله نمرة تليفوني
خرجت درية للحديقة الواسعة ولمحت أضواء سيارته تشق عتمتها وفيما كانت تتجه نحوها سمعت إسمها يتردد خلفها فالتفتت له ولاحظت إقترابه العابس نحوها قائلا
.. أنا كلفت عم عيد السواق يوصلك أنت ومدام هدی 
ولكن بدلا من أن تتعالی موجاتها الصوتية الرقيقة بإعتذار تصاعدت نغمة صوته الخشنة بتحية المساء مقاطعا
.. مساء الخير يا درية 
التفتت أسامة ليطالع الرجل الفارع الطول والمرتسمة على وجهه إبتسامة مضيئة خصها فقط لدرية بشيء من الحيرة ردت درية تحية المساء بخفوت قائلة لأسامة
.. مافيش داعي سيادة العقيد هيوصلني متشكرة 
وعند ذكره مد يده مصافحا أسامة معرفا بنفسه
.. عقيد طارق الأسمر خطيب مدام درية 
وعندما لمح الذعر المرتسم بعيناها قال مصححا
.. أقصد بإعتبار ما سيكون 
تقبل أسامة مصافحته بإقتضاب وعيناه لا تفارق درية التي هربت بأنظارها بعيدا وداخلها فعليا تخطى مرحلة الغليان وسارت إلى جوار طارق بعدما تمتمت بوداع وشبه کلمات تقبلها أسامة شاكرا لجهدها في تلك الليلة العصيبة وظلت طيلة الطريق صامتة فقط لأنها تدرك جيدا أن الكلمات ستكلفها إڼفجارا مأساوي النتائج حتى وصلا للشارع الذي تقطنه وتوقف بسيارته أمام العقار الذي تسكنه فتمتمت بتحية لتنصرف ولكنه أستوقفها قائلا بنبرة

إعتذار
.. أنا آسف إن كنت دايقتك لكن .
فالتفتت له وقد حان موعد الإڼفجار بتوقيت درية المسائي بعد مهازل تلك الليلة التي يبدو أنها غير منتهية
.. اللي حضرتك يا سيادة العقيد صرحتله بخبر الخطوبة واللي أنا معرفش عنها حاجه ده يبقى رئيسي في العمل حضرتك فاهم ده معناه إيه
هز رأسه مذعنا وقال راجيا
.. درية أنا بقالي كتير بحاول أقرب منك وآخر مرة كنا في المزرعة سوا أظن إني وضحت رغبتي في القرب ده ويكون بشكل رسمي 
همست غاضبة
.. وأظن إني وضحت إني ما بفكرش في الارتباط نهائي 
فاعترض طارق
.. لكن والدك . 
قاطعته بحزم
.. والدي ! أعتقد إني أنا صاحبة القرار وأنا مش لسه عيلة صغيرة
اقترب منها وعيناه مركزة على ملامح وجهها الغاضبة وقال بإفتتان
.. أكيد أنتي صاحبة القرار لكن أنا طمعان أنك تغيري رأيك وتديني فرصة 
فتحت باب السيارة وقالت قبل أن تنصرف
.. كان ممكن تطلب قبل ما تصرح بحاجة بإعتبار ما سيكون وعموما أنا متشكرة على تعبك 
ترجل هو الآخر واقترب منها بخطوات مسرعة وقال بإنفعال ملح
.. أنا آسف وبعتذر منك حقيقي لكن أرجو أنك فعليا تديني فرصة لينا إحنا الأتنين 
نظرت حولها بتوتر فالوقت قد تأخر وليس من المناسب أن تطيل الوقوف برفقته فهزت رأسها وانصرفت مسرعة نحو الدرجات التصعد للأعلى 
حد الإنهاك حد الألم حد الفقد حد الوحدة حد البعد رغم القرب حد الذنب رغم الكبرياء حد الإشتياق حد الكرامة حد النهاية حد البداية حد المجهول حد الأمل حد الظلام الذي يقبع به منذ ساعة بعد إنصراف الجمع الغفير يبكي بصمت دموع قهرت عزيمته وانسابت لتعلن معها حد الضعف وبسنوات عمره التي تخطت الأربعون ضعف يختبره ولأول مرة ضعف يجده ساکنا بأضلعه أليفا ترتاح له نفسه أليس من حقه أن يشعر ولو لمرة بالحرية في كونه ضعيفا لقد رحلت من كانت ترفض ضعفه تحاربه قبل أن يعد هوا نفسه للحرب تركته رغم أنها تركت له دوما مؤشرات بقرب الرحيل ربما منذ سنوات ولكنه كان عنيدا لدرجة ظن معها أنها لن ترحل أبدا هل كان عنیدا لا بل كان غبيآ كما نعتته مؤخرا رحلت ورحل معها اليوم الأخير ليبدأ من جديد وليست له أي رغبة في تلك بداية خطوات تسحق الحصى من خلفه ولم يحتاج أن يلتفت ليعرف هوية صاحبها فقال
.. قريت كل في الأظرف وأديت أخوك بتاعه
جلس وافترش الأرض إلي جواره
.. أخده بس أظن مش هيقراه دلوقتي 
فالټفت له جاسر
.. بس لازم علي الأقل يعرف محتوى الباقي ده حقه 
نظر له أسامة وشعور بالشفقة مثير للإشمئزاز والحنق داخله يتصاعد نحوه رغم غضبه الشديد منه مشاعر مختلطة ارتسمت على معالم وجهه فڤضحت ما هو مختبأ بين حنايا صدره حتى قال جاسر منزعجا
.. مالك أنت مفكر أني قولتلها تعمل كده
هز
تم نسخ الرابط