روايه جاسر الجديده وكامله
المحتويات
ربنا يخليكي ليا
فربنت سالي على ظهر أختها
.. ويخليكوا لیا
لإصرار خصلة اكتسبتها من أبيها ولا تنكر ولطالما عشقت تلك الخصلة الحميدة به سرا ولكنها في تلك اللحظة تحديدا على وشك إعلان رسمي أنها قد أنهت علاقة الحب بينها وبين تلك الخصلة لتبدأ حربا ضروسا.
مضت تستمع لصيحات صغيرها الذي شني بنسبة لا بأس بها والسعيد في الوقت ذاته بل هو سعيد للغاية بتلك العطلة التي ستبدأ من الليلة حسب تعليمات جده ليتجها سويا لمزرعته على أطراف المدينة
.. جدو عمل ملعب كورة فيها كمان
ابتسمت رغما عنها وقالت
.. خلاص يا أيهم جهز حاجتك أنت وإخواتك عبال أنا ما أخلص الشغل وارجع
.. استني جدو عاوز يكلمك
نفثت پغضب لتخرج بعض ذرات الهواء المكبوتة داخلها بانفعال وقالت
.. يا بابا مش كنت تبلغني قبل ما تقول للولاد
ضحك أبيها ليزيد من غيظها وقال ببساطة
.. مكونتش هتوافقي إنما أنت كده قدام أمر واقع
زمت شفتيها وقد استطاعت فهم المغزى من وراء كلماته وقالت هازئة
.. ربنا يستر وما أروحش ألاقي المأذون
وتعالت قهقهات والدها وقال بعد أن هدأ بغموض
.. لاء اطمني أنت بنتي وأنا لازم أعززك
أنهت تلك المحادثة التي أشعلت داخلها ڠضبا وحنقا إن كانت بلحظات عقلانية
لوجدت أنها لا طائل منها بل ولا داعي لها هي ماعادت طفلة ولكن مع ذلك أخذت بفرد أصابع كفها وضمهم مرة أخرى والشعور بحاجتها للكم أحدهم أصبح ملحة خرج من غرفته فجأة حاملا سترته وقد أعد نفسه للرحيل فنظرت للساعة خلفه متعجبة فالوقت لم يتجاوز الرابعة عصرا ! فعادت ترمقه بنظرات غلب عليها طابع الشك فيما وقف هو يطالع لوحة وجهها التي تحمل كل المعطيات السلبية من غيظ وقهر وڠضب فقال بحدقة ضيقة
.. يظهر إنك تعبتي روحي يا درية
فقالت وهي ترمقه بنفس النظرة المتشككة
.. والتقرير الربع سنوي إيه مش عاوزه
هز رأسه نافيا
فاعترضت بسرعة
.. بس أنا هاخد السبت أجازة
هز كتفه ببساطة
.. خلاص أما ترجعي
هتفت لتستوقفه زاجرة
جاسر أنت فعلا هتمشي دلوقت الساعة لسه تلاته ونص
الټفت لها ساخرا
.. معلش أصلي رايح اتغدي مع ولادي عندك مانع!
هزت كتفها لا مبالية وغمغمت وهي تغلق الحاسوب أمامها
.. وماله بالسلامة
ألقي نظرة سريعة على ساعته بمعصمه لدى توقفه أمام متجر للألعاب شهير بوسط المدينة وترجل من سيارته بخطوات سريعة وبحركات تحمل نفس الوتيرة انتقى ألعابة لطفليه نقد البائع ثمنهم الذي تجاوز بضعة مئات وخرج حاملا إياها عائدا لسيارته مرة أخرى وفي طريقه استوقه متجرا للزهور وتجمدت قدماه اللحظة وهو يفكر أنه لم يعد يوما حاملا لها زهورا ! في الواقع ولا أي هدية قط مكتفيا بمنحات شهرية ضخمة وحديقة القصر الواسعة ملئی بشتى أصناف الزهور ومضى مرة أخرى نحو سيارته وهو يسخر من نفسه فهل سيشكل فارقا إن عاد يوما بزهور أتراها لم تكن لتتركه ومع ذلك أقر بواقعية أنها كانت لتشكل فارقا بعلاقتهم متی توقف ليري الفوارق بل متی توقف عقله ليعقد المقارنات بين السابقة والحالية بالأمس القريب حمل لها طعامها وهو الذي لم يحمل نفسه من قبل بإعتذار كان ينبغي عليه أداؤه لسابقتها بل تجاهله إذ لم ترد هي بطلب أو اعتراض فمن المخطيء هو إذ تجاهل دوما الإشارات أم هي إذ انصاعت دوما لوتيرة حياته وصخب کبریاؤه العنيد
.. خير يا نعمات شوفت عفريت ولا حاجة
تنحنحت نعمات وتخضبت وجنتها باللون الأحمر وقالت
.. أبدا بعد الشړ یا جاسر بیه أصلك مش متعود ترجع بدري بالنهار كده
نظر في ساعته وقال مصححا
.. قصدك العصر وداخلين على المغرب وبعدين إيه مش من حقي أرجع بيتي بدري ولا إيه
نفت نعمات وهي تمد يدها لتحمل عنه الأكياس
.. لا طبعا العفو ياجاسر بيه عنك أنت
ابتعد عنها وقال
.. سيبيهم یا نعمات أنا عاوز أديهم للولاد بنفسي
واستدار لها قبل أن يصعد للأعلى قائلا
.. هما فين صحيح
فقالت بمكر
.. في أوضتهم مع مامتهم
تجاهل نظراتها الماكرة ونبرة صوتها المتشفية بمصدر عڈابه ومضي بهدوء نحو غرفة صغاره ولحسن حظه أن الباب لم يكن مفتوحا على مصراعيه وما كان مغلقا أيضا بل كان ليشكل مطلا سريا على النعيم بنظره صغيره سليم المتجهم دوما على غير العادة فمه يفتر عن بسمة سعيدة راضية وصغيرته سلمی تناوشه بشقاوة محبة وترسل لأمها ببضعة قبلات التي كانت بدورها تضحك بسعادة وكان بسمتها عدوی فانتقلت فورا لثغره وهو يطالع وجهها الذي ينير برضا وحب وهي تلاعب صغارهم وأسرت عيناها خصلات شعرها البنية الدافئة التي اشتاق لملمسها ولرائحة اللافندر التي هي طابع خاص بها ووشت به صړخة سلمى الشقية وتقافزت ساقيها نحوه
.. بابا
فالتفتت پعنف لتتقابل أعينهم وهو لا يحيد عنها بنظراته النهمة وقامت بسرعة تبحث عن وشاحها
متابعة القراءة