روايه بقلم دعاء عبدالرحمن
يغض بصره عنها لأنها ...لأنها قد كبرت ... كبرت إلى هذه الدرجة .. كبرت النبتة التى زرعها بيديه وزرع ما بها من معانى جميلة وعواطف نبيلة مخلصة لتصبح وارفة الظلال لتظله هو أيضا ببعض ظلالها حينما تسحقه رمضاء الحياة
ومرت الأيام الخمس ووقف فارس يرتدى سترته الأنيقة السوداء أمام المرآة وهو يستعد لحفل زفافه لم يكن متحمسا كما كان يظن فى ذلك اليوم مشط شعره فى عناية ووقف ينظر للمرآة ويتمم على أناقته حينها سمع صوت بلال وعمرو فى الخارج أبتسم وهو يفتح باب غرفته وسمع عمرو يصيح بمرح
وأنا هاخد وقت فى اللبس ليه.. أنا حلو من غير حاجة
خرج فارس ورد عليه قائلا
ده أيه التواضع ده كله
ضحك بلال وهو يضرب على
كتف فارس قائلا
نحن السابقون و انتم اللاحقون
نظر بلال إلى فارس وقال متسائلا
أنتوا مسافرين بعد الفرح فعلا يا فارس
أومأ فارس برأسه وقال
الدكتور حمدى عزمنا نقضى أسبوع فى شقته اللى فى اسكندرية ..هنقضى ساعة كده فى الفرح ونسافر على طول
وضع عمرو يديه فى خصره وهو يتصنع الحقد وقال
ماشيه معاك يا عم مين قدك
بقولك ايه يا عمرو مابدل الحقد اللى مإلى قلبك ده.. يومين تلاتة كده وتعالوا قضوا معانا يومين فى اسكندرية
حك عمرو رأسه وهو يقول
ممم هفكر واخد رأى الحكومة
ضحك ثلاثتهم بينما قال عمرو
يالا يا سيدنا العرايس فى الكوافير مستنينا على نااار
نظر فارس حوله وهو يقول متسائلا
هى ماما راحت فين
قال بلال وهو يضع يديه فى جيب بنطاله
طلعت تودى الولاد عند مهرة ونازله على طول ان شاء الله
عقد فارس بين حاجبيه وقال متسائلا بقلق
ليه هما مش جايين معانا
جذبه عمرو من ذراعه وهو يتجه به صوب باب الشقة ويقول
ياعمنا يالا بقى هنستناهم تحت الستات دول يومهم بسنة
خرج ثلاثتهم وأغلق فارس الباب خلفة ونزل الدرج خلفهم فى توتر وقلق وهو ينظر للأعلى ثم ينظر أمامه ويكمل طريقه فى الهبوط
وقف الجميع أسفل بنايتهم وتبادلوا العناق والتهنئة مع الجيران والأحبة والمدعوين منهم للحفل تأخرت والدته قليلا فقال عمرو
ما تطلع تشوف الحجة يا فارس .. عزة عماله تتصل شكلنا بقى وحش أوى
نظر فارس إلى هاتفه فوجد مكالمتين من دنيا لم ينتبه إليهم كان على وشك أن يهاتفها ليخبرها أنهم فى طريقهم ولكنه وجد يحيى يهبط الدرج بسرعة ويتجه إلى بلال مباشرة وهو يقول
لو سمحت يا دكتور ممكن تطلع معانا.. أصل مهرة تعبانة أوى
لم يتحدث فارس كثيرا بل لم يسأله من الأصل توجه للأعلى مباشرة وطرق الباب فتحت له أم يحيى الباب وفى عينيها أثر البكاء معلنا عن نفسه بوضوح فقال بلوعة
فى أيه مهرة مالها
كان بلال ويحيى قد لحقا به غض بلال نظره وهو يقول
خير يا جماعة مالها
أفسحت لهم أم يحيى الطريق وهى تقول
مش عارفة يا دكتور .. سخنه أوى وبتترعش والكمادات مش جايبة نتيجة .. خاېفة تكون حمى
قال بلال بسرعة دون أن ينظر إليها
طب غطيها وحطى حاجة على شعرها
دخلت أم يحيى سريعا إلى غرفة مهرة وخرجت بعد ثوان وهى تقول بلهفة
خلاص يا دكتور اتفضل
هم بلال بالدخول ولكنه تفاجأ بفارس يمسك بذراعه يوقفه فنظر بلال إلى يد فارس الممسكة به ثم نظر إليه فى تسائل ودهشة فقال فارس بصوت كأنه خرج من شخص آخر غيره ومن حلق آخر غير حلقه وكأنه آتى من بئر عميق وبعيد
هو انت بتكشف على بنات
شيئا ما فى عينى فارس جعل بلال ينظر إليه بعمق وهو حائرا من أمره ثم قال
انا مش هكشف عليها .. أنا هشوفها بس حمى ولا لاء ..وده مش محتاج كشف زى ما انت فاهم ..علشان لو حمى مش هينفع نستنى أكتر من كده
ثم أشار بلال إلى أم يحيى أن تتبعه دخلت معه والدتها لغرفتها فوجد أم فارس تجلس بجوارها وتبكى على حالها وما أصابها ومهرة نائمة والكمادات تغطى جبينها.
وقف فارس حائرا فى الخارج يريد الدخول ولكن لا يستطيع بعد دقائق خرج بلال وهو يحادث زوجته على الهاتف ويقول
خلاص نازلين اهو ..لا الحمد لله كويسة..اه طبعا هجيب الولاد معايا
لم يستطع الأنتظار أكثر أمسك بلال من يده التى يحمل بها الهاتف وقال
طمنى يا بلال
أنهى بلال مكالمته مع عبير ووضع الهاتف فى جيبه وقال ل فارس وهو يتفرس فى ملامحه
متقلقش دى حرارة عادية ...كويس أن والدتها بتعرف تدى حقن انا كتبتلها على حقنة لما تاخدها هتبقى كويسة بأذن الله
مر يحيى من جوارهما سريعا فى طريقة للخروج ليحضر الحقنة التى طلبها بلال وخرجت على أثره أم فارس من الغرفة وتوجهت إلى فارس وهى تقول
انت لسه هنا يابنى .. يالا انت اتوكل على الله علشان تلحق عروستك فى الكوافير مش عاوزين مشاكل فى ليلة زى دى
جاء صوت رنين هاتف فارس فى هذه اللحظة فنظر فى الهاتف ليوجده عمرو الذى تكلم بسرعة قائلا
انتوا هتباتوا عندكوا يا فارس
قال فارس بدون تردد
أمشى انت يا عمرو.. روح خدهم من الكوافير