روايه بقلم دعاء عبدالرحمن
أخرج هاتفه الخلوى وهاتفها سمع صوتها فرد بلهفة
أنت كويسة
أنتفضت دنيا من فراشها هاتفة
أيه ده هى الساعة كام دلوقتى
أطاحت المرارة بابتسامة ثغره ووضعت مرارتها على شفتيه واحتلتها احتلالا وهو يقول
أنت كنت نايمة ! ..معلش صحيتك روحى كملى نوم ..سلام
أمسكت الهاتف بكلتا يديها وقالت بلوعة
والله يا حبيبى راحت عليا نومة مش عارفة ازاى ... أصلى نايمة بعد الفجر .. بس أنت غلطان مكلمتنيش ليه قبل ما تنزل الصبح
قال بضيق
خلاص خلاص محصلش حاجة يلا سلام
أغلق الهاتف وهو يشعر أن مرارة ابتسامتة قد استعمرت قلبه ورفعت رايتها معلنة أحكامها وبعثرت غصتها فى حلقه تباعا لتجبره على الأنصياع لها بلا مقاومة.. ولم يكن ليفعل .. لم يكن ليقاوم ذاك الشعور المرير بأهمالها الدائم له وعدم حرصها
عليه وتفكيرها الأبدى فى شخصها وفقط .. كيف يكون ذلك حبا .
عاد إلى بيته وهو يحاول التخلص من تلك المشاعر التى احتلته فلا يريد أن يزعج أحدا بما يعانيه كل ما كان يفكر به هو أسعاد تلك المرأة الطيبة التى بذلت عمرها لأجله ولم تبقى لنفسها عافية إلا وقدمتها بحب وارتياح وهى تراه يحقق الأنجازات يوما بعد يوم فكأنها هى التى تنجح وهى التى تتقدم وهى التى تخطو نحو المستقبل بخطا ثابتة.
أحضر لها معه بعض الأشياء التى تحبها ورسم ابتسامة سعيدة على محياه ليدخل البهجة على قلبها ..قابلته .. وجدها تقف فى الشرفة تنتظره على أحر من الجمر فابتسم لها وخطى خطوات واسعة نحو المنزل صعد درجات السلم فى سرعة كبيرة فوجدها قد سبقته ونزلت هى إليه عانقته وهى تضحك بين دموعها وتحسست وجهه بيديها الواهنتين وهى تقول پبكاء
مبروك يا حبيبى.. ألف مبروك يا ما انت كريم يارب .. الحمد لله يابنى
وكأن دموعها قد سمحت لدموعه بالإفلات أخيرا من محبسهم وبغزارة وهو يقول
أيه يا ست الكل.. أنت تفرحى تعيطى تزعلى تعيطى
قبلت كتفه وأحاطها بذراعه وهى تقول
دى دموع الفرح يا دكتور
جاءهم صوت مهرة من خلفهم وهى تقول بصوت يشبه البكاء
كده خلتونى اعيط
ألتفتا فوجداها تقف أعلى الدرج وعيناها تلمع بعبراتها السعيدة التى هطلت بغزارة على جنتيها وهى تنظر إليهما بابتسامة كبيرة فأعطت مظهرا يرسم له لوحة فنية بكل تلك المشاعر المتناقضة على وجهها الدموع المنهمرة بلا توقف والابتسامة الكبيرة السعيدة وتلك الملامح البريئة التى لا تخطئها عين.
هبطت درجتين من السلم حتى اقتربت ثم توقفت وأخرجت من جيب تنورتها ميدالية مرصعة بفصوص من الفضة مكتوب وسطها وبخط فضى صغير دفارس سيف الدين وقدمتها له وهى تقول ببراءة
مبروك يا دكتور.. ممكن تقبل منى الهدية دى
أخذها فارس وهو ينظر لها ويقلبها بين يديه متأملا وقد تملكته الدهشة وقال
الله يبارك فيكى يا مهرة..بس جبتيها أمتى دى وعملتيها ازاى
رفعت كتفيها وقالت بتلقائية
من سنة كده وانا عند أبله عبير شفت واحد جنبهم بيعمل حاجات فضة.. طلعت فى دماغى ووصيته عليها ولسه مستلماها منه من أسبوع بس
رفع حاجبيه وقد اندمج مع عباراتها التلقائية ولم يكن حال والدته باقل من حالته وهما ينصتان لكلماتها العفوية وقال متسائلا
من سنة ! .. ولسه مستلماها من أسبوع
أبتسمت فى خجل وهى تطرق برأسها وقالت
أصل أنا كنت بحوش تمنها ولما خلصت أدهالى
أتسعت ابتسامته وهو يتبادل النظرات مع والدته التى شعرت كأنها تراها لأول مرة أما هو فقد شعر بمتعة وهو يتسائل مرة اخرى ويقول
وانت بقى عرفتى منين المعاد بتاع مناقشة الرسالة علشان تظبطيها كده وتخلصى تمنها قبلها بأسبوع
أستندت بذراعها إلى سور الدرج ولوحت بيدها الأخرى بعفوية وهى تقول
مرة سمعتك وانت بتتكلم مع طنط
رفع حاجبية مندهشا وقال
سمعتى المعاد مرة .. ومن سنة !!
أومأت بخجل ثم عقدت جبينها ونظرت لأم فارس ثم نظرت إليه وقالت
هى معجبتكش ولا أيه
أجاب بدون وعى وبدون تفكير
بالعكس ..دى جميلة جدا
نظرت له والدته فوجدته شاردا أو حائرا وهو ينظر إلى الميدالية فى يده ويقول فى وجوم
شكلك كنت متأكدة أنى هاخد الدكتوراه حتى من قبل ما أكون انا متأكد
صعدت والدته درجتين وربتت على كتف مهرة ثم مسحت على ذراعها فى حنان وقالت
طول عمرك جدعة يا مهرة وفاكره الناس اللى حواليكى
ثم نظرت لملابسها وقالت متسائلة
أنت كنت خارجة دلوقتى ولا أيه
نظرت مهرة لملابسها ومطت شفتاها وهى تقول بحزن
انا صحيت بدرى علشان اروح أتفرج على فارس وهو بياخد الدكتوراه بس ماما مرضيتش وقعدت تتخانق معايا .. ومن ساعتها بقى وانا مغيرتش هدومى وقاعدة فى البلكونة علشان لما فارس يرجع اشوفه واديله الهدية.
شعر فارس بكلمات مهرة تطيح بالمرارة التى كانت قد احتلت قلبه من قبل وتنزع رايتها وتحررقلبه من القسۏة التى كانت تحاول فرض سيطرتها عليه بالقوة وتميت عواطفه وتكاد تدفنها فى أعماقه فلا تظهر مرة أخرى على السطح جائت فى الوقت المناسب لتعيد تشغيله وإعادته إلى الحياة مرة ثانية قبض على هدية مهرة فى راحته ولا يعلم لماذا شعر فى هذه اللحظة بالذات انه يجب أن