روايه وهم كامله
المحتويات
الفصل الأول
أطلقت إلهام أغرودة عالية أعقبتها بمزيد من الأغاريد بعدما أخبرها ابنها رامز أنه سيعود إلى أرض الوطن في الأيام المقبلة وسوف يستقر ولن يسافر مرة أخرى.
أخذ رامز يضحك وهو يستمع إلى صوت أغاريد والدته عبر سماعة الهاتف قائلا من بين ضحكاته
إيه كل الزغاريد دي بس يا ماما أمال لو أنا قولتلك أني هتجوز هتعملي إيه!
ابتسمت إلهام قائلة بسعادة لا يمكنها السيطرة عليها فهي قد انتظرت كثيرا عودة ابنها من الغربة حتى تزوجه وتفرح به
لما يجي إن شاء الله يوم فرحك أنا هعمل حاجات كتيرة أوي بس أنت ترجع بالسلامة وتكتب كتابك على نادين بنت خالتك وشوف بنفسك اللي أمك هتعمله عشان خاطرك يا نور عيني.
هتف رامز بحنق فهو لا يزال حتى هذه اللحظة غير قادر على تقبل فكرة زواجه من نادين لأن صورتها كشقيقة صغرى له لا تزال راسخة في باله
ربنا يسهل يا ماما هنبقى نشوف الموضوع ده إن شاء الله لما أرجع مصر هستأذن منك دلوقتي لأني هروح أخلص شوية أمور لازم تتم قبل يوم سفري.
تمام يا حبيبي ربنا معاك ويوفقك.
أنهى رامز المكالمة وزفر بضيق وسرح بأفكاره متذكرا ما حدث في الإجازة الماضية التي قضاها قبل عامين وسط عائلته وتحديدا اليوم الذي تحدثت به والدته معه بشأن خطبته من نادين ابنة خالته.
رامز أنت دلوقتي بقى عندك سبعة وعشرين سنة وجه الوقت اللي لازم تفكر فيه في الجواز والاستقرار لأن مش معقول أنت ناوي تقضي حياتك كلها في الغربة والشغل.
نطقت إلهام هذه العبارة بنبرة جادة فظهرت ابتسامة خفيفة على وجه رامز قائلا بلطف فهو يعلم أن والدته متشوقة لرؤية أولاد له يركضون ويلعبون حولها
انتقلت إلهام من مكانها وجلست بجوار رامز هاتفة بهدوء عاقدة العزم على تنفيذ ما يدور في رأسها
طيب إيه رأيك بقى أن العروسة المناسبة ليك موجودة وأهلها موافقين عليك ومش ناقص أي حاجة غير أنك تروح تتقدم ليها وتخطبها.
رفع رامز حاجبيه هاتفا بدهشة متسائلا عن هوية تلك العروس التي اختارتها والدته من أجله
ويا ترى مين بقى سعيدة الحظ اللي عجبتك أوي كده وشايفة أنها أحسن خيار بالنسبة ليا
أجابت إلهام تخبره بمن وقع عليها اختيارها وهي تبتسم ظنا منها أن هذا الاختيار سوف يروق لابنها
سكت رامز ولم تظهر على وجهه أي علامة من علامات القبول أو الترحيب بهذه الفكرة وهذا الأمر جعل إلهام تسأله بدهشة
مالك يا رامز اوعى تكون نادين مش عاجباك!
هتف بتبرير وهو يحرك رأسه نافيا هذا الأمر محاولا إقناع والدته بالعدول عن هذه الفكرة فهو ليس من مشجعين فكرة زواج الأقارب تجنبا للمشاكل التي قد تنتج عنه
هي نادين جميلة ومحترمة وأصلها كويس وأي واحد يشرفه أنها تبقى مراته بس المشكلة أني عمري ما فكرت قبل كده في حاجة زي دي أبدا تقدري تقولي كده أني بعتبرها زي أختي.
على الرغم من تفهم إلهام لوجهة نظر ابنها إلا أنها أصرت على إقناعه بخطبة نادين لأنها تحبها كثيرا وترى أنها سوف تكون أفضل زوجة ابن تحصل عليها خاصة بعدما فسدت أخلاق بعض من الفتيات بسبب التأثر بوسائل التواصل الاجتماعي وبالأفكار الغير مستقيمة التي يتم الترويج لها ليلا ونهارا عبر وسائل الإعلام المختلفة وخاصة عن طريق بعض هؤلاء الشباب الذين يطلق عليهم لقب بلوجر.
تنهدت إلهام وتحدثت بهدوء وجدية قاصدة بهما القضاء على حالة التردد التي يشعر بها ابنها تجاه فكرة ارتباطه بابنة خالته
بص يا رامز وحاول تفهم اللي هقوله ليك نادين هي أفضل واحدة حواليك وهي زي ما قولت جميلة ومحترمة وكمان أنت عارفها وهي تعرفك وفيه بينكم تفاهم كبير وإذا كنت مش شايفها زوجة ليك فالحب والمشاعر ده شيء هيجي لوحده أثناء فترة الخطوبة.
اقتنع رامز حينها بوجهة نظر والدته وذهب برفقتها إلى منزل خالته وطلب الزواج من نادين وبعد أسبوع تم عقد الخطبة وسط جو هادئ مقتصر على حضور المقربين فقط من أفراد العائلتين.
ندم رامز كثيرا على موافقته لرأي والدته في هذا الوقت فقد مر عامان على خطبته بنادين واقترب موعد زفافه بها وهو لم يحبها مثلما كانت تعتقد إلهام.
أخذت سمية تقفز من شدة الفرح بعدما شاهدت نتيجتها فقد نالت التقدير الذي اجتهدت طوال فترة دراستها
الجامعية حتى تحصل عليه.
أمسكت الهاتف واتصلت بصديقتها ثم هتفت بسعادة
باركيلي يا نادين أنا جيبت تقدير عام جيد جدا مع مرتبة الشرف.
ظهرت ابتسامة واسعة على ثغر نادين وفرحت من أجل صديقتها المقربة التي شاركتها رحلة الجد والكفاح على مدار أربع سنوات.
هتفت سمية بتساؤل بعدما جلست على طرف السرير
قوليلي بسرعة أنت عملت إيه يا نادين
أجابتها نادين وهي تبتسم بفرحة تضاعفت بعدما علمت من خالتها أن رامزا سوف يعود قريبا
الحمد لله يا حبيبتي أنا كمان تقديري العام جيد جدا مع مرتبة الشرف.
فرحت سمية كثيرا بهذا الخبر وأسرعت تهنئها بقولها
ألف مبروك يا قلبي عقبال ما أجي أباركلك في يوم فرحك.
احمرت وجنتا نادين فقد اقترب موعد زفافها من رامز الذي وقعت في حبه منذ طفولتها وكانت تصلي دائما وتدعو الله أن يقوم بخطبتها وبالفعل تحققت أمنيتها وصارت خطيبته وسوف تكون قريبا زوجته ووالدة أطفاله.
أنهت سمية الاتصال مع رفيقتها بعدما دلفت والدتها إلى الغرفة ونظرت لها بوجوم هاتفة بضيق
سمعتك من شوية وأنت بتتكلمي مع صاحبتك وبتقوليلها أنك نجحت وجيبتي تقدير عالي.
تحدثت سمية باستغراب وهي تشاهد وجه والدتها المتجهم
طيب وهي دي حاجة تزعل يا ماما!
جلست والدتها أمامها مردفة بتنهيدة فهي لم يعد بإمكانها أن تحتمل حديث الناس عن سمية وقولهم أنها سوف تصل إلى سن العنوسة ولن تتزوج بسبب رفضها لجميع الخطاب الذين يتقدمون لها
وهتعملي إيه بالشهادة يا بنت بطني وأنت أخرك هتقعدي في البيت بصي على كل البنات اللي حواليك هتلاقي فيهم اللي اتجوزت وفيه اللي اتخطبت وهتتجوز قريب زي نادين صاحبتك وأنت لحد دلوقتي قاعدة في أرابيزي.
لوحت سمية بيدها هاتفة بحنق فقد أصابها السأم من كثرة سماعها لتلك الأسطوانة المشروخة التي تلقيها والدتها على مسامعها باستمرار
أيوة يعني أنت عايزاني أعمل إيه كل العرسان اللي بيتقدموا مش مناسبين منهم اللي سنه كبير جدا عليا وفيه اللي مش متعلم أصلا وبيقعد على القهوة وبلاوي كتير ملهاش أول من أخر وفيه اللي بېدخن وسمعته زي الزفت وسط الناس وأنا مستحيل أتجوز واحد بيشرب أي حاجة حتى لو كانت سېجارة
متابعة القراءة