مذاق العشق المر بقلم سلمى المصرى
المحتويات
وستغير فيه الكثير فقديما عشقه لأمها غير حياتهما سويا ربما تكررت القصة من جديد من يدري
تم عقد قرانهما بالفعل فى المشفى ورغم السعادة التى حلقت فوق الجميع الا ان الحزن والقلق كان من نصيبها وهى تشعر ان حبيبها يتزوجها رغما عنه للمرة الثانية وان ادعى عكس ذلك ليحافظ على ماء وجهه لا أكثر نعم تغير وقد لمست بنفسها هذا التغيير ووقعت فى غرام يوسف الجديد بكل ما فيه حتى بغروره وعنجهيته ڠرقت بكل مشاعرها وكيانها فى كل تفاصيله ولن تقبل منه ابدا بأقل مما تشعر به تجاهه لن تقبل ان تعيش عذابات حبه وحدها لتكون وسيلته لارضاء غروره كرجل ليس اكثر
ام انها تخشى تلك الخطوة وتفتقد الامان معه
ام لأن لعبتها خرجت عن الحد الذى رسمته لها
أم هو قلقها على أبيها
انفرد كل منهما بالآخر بعد عقد القران فى حديقة المشفى
طال الصمت بينهما كأن كل منهما يعطي للاخر فرصة فى توضيح موقفه أولا
انا اسف مقصدتش المعنى ده ابدا
ابتسمت فى حزن قائلة
متعتذرش انت فعلا معاك حق أنا فعلا زودتها انت رفضتني اكتر من مرة وكان لازم يكون عندى كرامة
كاد ان ېصرخ بها أن تتوقف ولكنها واصلت
انا طبعا بشكرك على شهامتك ووقفتك معايا واوعدك ان التدبيسة دى مش هتستمر كتير وبمجرد ما بابا يفوق ويبقى كويس هننفصل وتقدر تشوف حياتك
راقبها في ألم وهي تختفي من أمامه وسخطه على ذاته يزداد لماذا لم ينتزعها من افكارها السخيفة هذه
يرفض هجرها
يكره حزنها
يمقت شعورها بالخۏف فى وجوده
يحب قوتها عنادها مشاكستها
كل شىء فيها يثير جنونه
كانت صوفيا فى غرفتها تضع اللمسات الاخيرة لبورتريه خاص مزجت فيه الالوان بشكل رائع فبدت حتى أجمل بكثير من الصور التى التقطتها للنيل فى الغروب تأملته فى رضا قبل ان تزيحه جانبا وتستلقى على فراشها وهي تتأوه فى خفوت اغمضت عينيها لحظات ثم فتحتهما وهي تبتسم فى خبث مدت يدها تلتقط هاتفها من على المنضدة تطالع عليه صورة زين الذى يضعها على تطبيق الواتس اب صورة يبتسم فيها بوداعة أخذت لبها منذ ان طالعتها للمرة الاولى ملامحه الشرقية المنحوته تتوه فيها دائما وتذكرها بفرسان العرب القدامى التى قرأت عنهم فى الاساطير لا تستطيع حتى الان تحديد ماهية شعورها نحوه فكثيرا ما تشعر بالحنق منه حين يتجنبها او يشيح بنظره عنها وذاتها تلك الافعال تجذبها اليه اكثر نظرت الى صورته من جديد وهي تمرر اصبعها على ملامحه كأنها تريد ان تحفرها بذاكرتها نهضت من جديد وابتسامة حالمة تزين ثغرها وهى تتجه الى كراس الرسم وتبدأ فى خط ملامحه بدقة ومهارة وبعد ساعة او يزيد انتهت من رسمه بالقلم
ابتسمت وهي تضع يدها على ثغرها لقد أصبحت تستخدم العربية في التفكير وتلاشى دور اللغة الفرنسية التي لم تتحدث غيرها لسنوات تماما أمسكت الصورة واخذت تتأملها وهى تجوب الغرفة بلاهدف
لحظات وخطرت على بالها فكرة لم تأخذ سوى لحظات أقل لتضعها قيد التنفيذ قامت بتصوير الرسم وأرسلته الى رقمه الذى تحتفظ به منذ ان اعطته لها ايلينا وهى فى المطار تعلم انه لا يمتلك رقمها فهل سيكتشف انها من فعلت هذا هل تراه يشعر بهذا الاضطراب الذى تشعر به
أو بالأحرى هل تفهم هي ماذا تعني من خلف ما فعلته الأمر قد تعدى كثيرا مجرد انجذاب لقد وصل بها الى تنحية فكرة سفرها تماما فوجودها في مصر لم يعد مقتصرا على مرض محمود فقط كما تدعي
تنهد يوسف وهو يتهالك على مقعده متمتما فى حزن لاحول ولا قوة الا بالله
تلقى الخبر من أبيه منذ لحظات عبر الهاتف أخبره بصوت متهدج يحاول أن يسيطر على نبرته بأن رفيق العمر انتقل الى جوار ربه ماټ الرجل قبل أن يستمتع بدفء وطنه ويعوض حرمان الغربة ماټ بعد
أن اطمئن الجميع الى استقرار حالته وهجرته الامه ماټ قبل موعد جراحته بيوم واحد فلله في خلقه شئون
وكل اليه والده مهمة ابلاغ ايلينا بالأمر بقي على وضعه هكذا لدقائق ينظر الى الباب في شرود ينبش به عقله عن أي طريقة تحمل الخبر دون أن يصدمها به مرر يده على وجهه في ألم فكل الطرق ستؤدى الى حقيقة واحدة
لقد رحل والدها الذى لمس بنفسه كم تحبه وتحترمه وتعده صديقا وليس مجرد اب كيف ستسقبل خبر مۏته بعدما عاشت في أمل نجاته طيلة الأيام الماضية مجرد تخيل الحزن على وجهها يفزعه ماذا عساه ان يفعل
نهض من كرسيه اخيرا واتجه للباب الذى يفصل بينهما ليفتحه فى بطء لم تنتبه له وقد انهمكت فى العمل فبعد ان اطمأنت على صحة ابيها عادت لتنجز بعض الاعمال الهامة التى كانت تحت مسئوليتها رغم انه اعفاها من ذلك ظل واقفا للحظات وهو يبحث مجددا عن أكثر الكلمات رقة لينقل لها به الخبر
شعرت برائحة عطره كالعادة فرفعت اليه
رأسها بابتسامة متعبة وقالت
يوسف انا قربت اخلص اهو بس فيه حاجات كتير محتاجة امضتك عليها
نظر اليها للحظات في حزن عقد لسانه عن نطق حرف فأطرق برأسه في عجز لتشعر بأن هناك خطب ما نهضت من مكتبها وسألته فى حذر
يوسف مالك حصل ايه
يوسف رد عليا بقا
أمسكت بذراعه في توسل وهي تكرر سؤالها فرفع نظره اليها والمته نظرة الهلع والخۏف والضياع فى عينيها فلم يشعر بنفسه تماما وهو يحتويها بين ذراعيه كأنه يحميها من قسۏة الحقيقة ويخفيها عن مرارة واقعها وأدركت هي كل شىء فبقيت جامدة وهى تتمتم فى صدمة
ازاي انا سايباه كويس ازاي
وسالت دموعها ليشعر بها يوسف تبلل قميصه لتحرقه تماما وهو يراها للمرة الأولى زاد من ضمته لها وهي تهمس فى اڼهيار
بابا ماټ يا يوسف بابا ماټ
مسح على رأسها فى حنان قائلا بنبرة متهدجة
انتى ايمانك قوى يا ايلينا ادعيله حبيبتى
نطقها بصدق وباحساس عاشق يتعذب من اجل محبوبته نطقها دون ان يشعر أنه قالها نطقها دون أن يفكر كيف خرجت بتلك السهولة نطقها من أعماقه حين اعترف ألمه من أجلها بالحقيقة ولسوء حظه لم تشعر بها أبدا لم تشعر بأنها انتزعت اعترافا صريحا منه ألم فقدان الأب والصديق كان كافيا لعزلها عن العالم بأسره كافيا عن عدم ادراكها أنها بين ذراعيه تتلقى منه حنانا لم تعهده مطلقا أغمضت عينيها فى ألم وهي ترفع رأسها من على صدره هامسة بايمان تحاول به مقاومة اڼهيارها
انا لله وانا اليه راجعون
اخذت ترددها وهو يمسك بكتفيها ويشعر بارتجافها حتى خفتت حركتها فجأة لتسقط فجأة بين ذراعيه مغشيا عليها ليهتف فى ذعر ايلينا
تكفل محمود وابنائه بډفن سمير واقامة العزاء له فى الوقت الذى كانت ايلينا فيه تحاول التماسك قدر المستطاع هى واخيها وتعينها على ذلك صوفيا وسميرة وايتن
وبعد مرور اسبوع دق الباب ففتحته صوفيا لتجد يوسف ومعه زين يحملا بعضا من الطعام كعادتهما كل يوم منذ ۏفاة محمود ألقى يوسف التحية عليها وسألها فى روتينيه عن أحوالها وأحوال علي ليذهب بعدها الى ايلينا مباشرة التي أخبرته صوفيا انها لاتفارق غرفة ابيها
تركها مع زين التى نظرت اليه وسألته في تردد
تشرب ايه زين
ابتسم زين قائلا
مش عاوز اتعبك
شبكت اناملها قائلة
يبقى قهوة مظبوطة انا بشوفك على طول بت وتوقفت عن استرسالها وهي تحك رأسها فى خجل لقد اخبرته ببلاهة انها تهتم بأدق التفاصيل به فتنحنح هو ليخفى سعادته قائلا
خلاص يبقى قهوة مظبوط
راقبها وهي تدلف الى المطبخ وتلتفت اليه فى توتر لقد كاد ان يخبرها حين وقعت عيناه عليها منذ لحظات الأسود يليق بك يا جميلة ولكن لا ليس الاسود فحسب بل كل الوان الدنيا كأنها خلقت من اجلك كأنك من تعطينها رونقها وبريقها وتميزها بريئة كالاطفال وعيناك تلك اه منها لم أعرف من قبل عينين بصفائهما أبدا حدائق الجنة ورياضها يعيشها من ترمقينه فقط بنظرة منهما
لمح على المائدة كراس رسم صغير فابتسم في خبث وهو ينظر باتجاه المطبخ ليتأكد انها لا تراه اخذ يبحث فيه عن شىء واحد يؤكد له حقيقة ظنه ظل يبحث ولكنه لم يجد مبتغاه حتى انتفض على صوتها وهى تقول بينما تضع القهوة أمامه
عجبك رسمي
تنهد زين وهو يهز رأسه بالايجاب وقال في احباط لاحظته صوفيا على الفور
حلو اوي فنانة بجد
وأعاد اليها دفترها وهو يتساءل في نفسه هل لم تكن هي بالفعل لا ربما امتلكت دفترا غيره
قالت صوفيا فى خبث وقد أدركت ما يفكر فيه
شكله معجبكش وبتجامل وشك باين عليه انه متضايق
ارتشف زين من القهوة أمامه ليزدردها عوضا عن ريقه الذى كاد ان يجف من فرط التوتر والاحباط
أبدا اصل وهز رأسه وهو يتمتم
الظاهر اني كنت فاهم غلط
رسمت صوفيا البلاهة على وجهها وقالت
بتقول حاجة زين !!
تنهد في عمق قائلا
متاخديش فى بالك
دلف يوسف الى غرفة ايلينا فوجدها تقف بجوار النافذة وهى تحمل بيدها صورة لأبيها وتتأمل الدنيا في شرود شعور بالضياع يراه فى عينيها ويمقت ان تشعر به فى وجوده لم يخفي ألمه وهو يراها على هذا الضعف الذى لم يعهدها عليه
التفتت له وابتسمت فى شحوب وقبل أن تمد اناملها لتمسح دموعها كانت أنامله هى الأسرع تلك المرة فمسح دموعها بابهاميه وتأملها للحظات وهو يضع كفيها فى كفيه قبل أن يأخذها لتجلس على أريكة قريبة ويأخذ الصورة منها ليضعها على
متابعة القراءة