اسير برائتها ندا الشرقاوي

موقع أيام نيوز


يقول بصوت خفيض
اهدي يا ليلي معملوش فيها حاجة هنرجعها إن شاء الله
التجاهل كان عنوان الحوار الدائر بينها هي و فارس ليزفر هو بضيق قائلا
حسام فك الواد دة و جيبه علي العربية مش عايزين تضييع وقت أكتر من كدة خلينا نلحقهم قبل ما يجرالهم حاجة
استجاب حسام لمطلب فارس و في أقل من ساعة كانوا في المكان المنشود!!
دعونا نتجه بعيدا بعيدا تماما عن مصر 

إلي ألمانيا!!!!
في مكان تعانق فيه فروع الاشجار بعضها خالي من جميع مسببات الحياة و
فوق جبل مرتفع شاهق يوجد قصر كبير
إذا نظرت له من بعيد تشعر بالرهبة منظره يبعث الخۏف و الكآبة في النفس كدلالة علي بشاعة ما يحدث فيه
و في داخل هذا القصر و علي مقعد يشبه مقاعد الملوك و لكن ليسوا أي ملوك بل الطغاة فقط 
يجلس رجل في عقده السابع الظلم و الشړ و البشاعة كان لهم نصيبا من ملامحه
طويل البنيه قمحي البشرة ذات عيون سوداء قاتمة تشع شړ 
و أمامه رجل آخر في بداية الأربعين من عمره ذات لحية نامية تسلل إليها الشيب لتصبح بيضاء
هزيل الجسد و لكنه فارع الطول
عملت اية يا عماد فارس رد عليك بإية!
ابتسم عماد ابتسامة شيطانية و هو يقول بمكر
و هو يقدر يعمل حاجة غير أنه يوافق يا مستر جون خصوصا بعد ما هددته بليلي و بنته !!
بس انت متأكد من
حكاية بنته دي يا عماد!
مط عماد شفتيه بعدم اكتراث و هو يقول
مش مهم اكون متأكد يا باشا المهم انه بلع الطعم و بعدين المعلومات اللي قولتهاله فعلا صح لكن حكاية بنته لسة عايشة و لا مېتة دي بقا مش متأكد منها 
لمعت عين جون بانتصار و هو يقول
برافو عليك يا عماد مكافأتك هتوصلك النهاردة و متنساش مكافأة لينا معاك تعبت معانا كتير قولها خلاص ان دورها قرب ينتهي بس تصبر شوية!!
تمام يا باشا عن أذنك 
هز جون رأسه بالموافقة علي رحيله و هو ينظر إلي نقطة غير محددة سارحا في بحور الشړ الذي غرق فيها منذ قديم الأزل و خطفت روحه ليعود بروح جديدة لا تشبه القديمة في أي شيء!!!
و بعد مرور دقائق دخلت امرأة يبدو أنها في نهاية عقدها الخامس متوسطة القامة ذات جسد ممتلئ بعض الشيء
ملابسها لا تتناسب قط مع مرحلتها العمرية بل تتناسب مع السيئات فقط!
تهادت في سيرها و هي تبتسم ابتسامة أظهرت التجاعيد التي حاولت بشتي الطرق أن تتخلص منها
و لكن الزمن أبي ألا يترك بصمته عليها 
وقفت أمامه و هي تقول بدلال
وحشتني اووي يا جون 
أبت علامات الصرامة أن تتزحزح عن وجهه و قال باقتضاب
عرفتي أي أخبار عن سمير يا ناريمان 
تنهدت و هي تحاول منع الغصة التي تمكنت من قلبها أن تظهر و قالت في محاولة منها لإخفاء كذبها
معرفش اي معلومات عنه يا جون من بعد الحاډثة!!
ضيق عينيه و هو ينظر لها بخبث قائلا
طيب محاولش يتواصل مع ولاده دة نازل مصر مخصوص عشانهم!!
انا بكلمهم كل يوم و عرفتهم انه نزلهم مصر و انا معرفش عنه حاجة عشان يدوروا عليه متقلقش اول لما يعرفوا عنه حاجة هيبلغوني 
إياك يا ناريمان تخبي عني اي حاجة و تنسي ان سمير جوزك اصلا هو اختار يخرج عننا و عقابه خده و إلا نهايتك هتكون زيه
تنفست ببطء و هو تهز رأسها بالموافقة علي حديثه قائلة
انا مقدرش اخبي عليك حاجة يا جون و بعدين لو

كنت ناوية اغدر من الاول كنت هربت معاه!!
احتدت نظراته المصوبة نحوها و هو يقول بحنق
بس انتي ما منعتهوش انه يهرب 
فردت ذراعيها بقلة حيلة قائلة
معرفتش امنعه و حاولت ابلغكم قبل ما يهرب بس كان حابسني و أول لما عرفت اوصلك بلغتك علي طول!!
أشار لها بكفه كعلامة لنهاية الحديث فتنهدت هي و استدارت خارجة من ذاك الوكر
و ما إن خرجت حتي استندت علي جدار جانبي و حاولت التقاط أنفاسها بصعوبة و من ثم
اجهشت في بكاء مرير بكاء علي زوجها و حبيب عمرها
اڼهارت جالسة علي الارض و هي تشهق بقوة 
لم يكن بيدها شيء سوي حمايته لأنها تعلم جيدا انهم لن يتركوه يعيش إن ابتعد عن تلك العصابة!!
فما كان بيدها إلا أن ترفض الهروب معه و البقاء هنا لمنع أي ضرر سيلحق به و تحذيره!!
وقف حسام أمام أحمد موجها حديثه نحوه قائلا
انا و فارس هندخل يا احمد و هنحاول نوصلهم و انت هتقف هنا مع ليلي تستني الشرطة تمام!!
زمجرت ليلي پغضب قائلة
ليلي مش هتستني في حتة انا هدخل معاكم 
هو انتي مينفعش تسمعي الكلام شوية!!
قالها فارس بضيق من تصرفاتها الطفولية رغم أنها امرأة
ناضجة في الثلاثون من عمرها لتتجاهله هي ناظرة نحو حسام قائلة برجاء
حسام و النبي انا عايزة ادخل معاكم مش هقدر استني اكتر من كدة عايزة اطمن علي هنا!!
تنهد حسام قائلا بارهاق
ليلي لازم تسمعي كلام فارس انتي اصلا المفروض متبقيش هنا من الاول 
اغمضت عينيها بحزن محاولة أن تبث الطمأنينة في قلبها ليقول فارس
خد بالك يا احمد من الواد سميح احنا ربطناه و مرمي برة في العربية
هز أحمد رأسه موافقا علي حديثه
ليتجه كلا من فارس و حسام نحو الداخل بحذر 
استوقف حسام فارس و هو يخرج مسدسه و مسډس آخر ليعطيه له قائلا
خلي المسډس دة معاك هنحتاجه!
أخذه فارس منه و هو يقول بسخرية
اة انا نسيت يا حسام بيه الحاجات دي تخصصك 
سار حسام متقدما للأمام ليتقدم فارس في الجهة الأخري ليكون كلا منهما في اتجاه مختلف 
انت مش ناوي تنسي و لا إية يا فارس!
استند فارس بظهره علي جدار و هو يقول بضحكات سخرية
أنسي! يا راجل دة انت السبب في دمار حياتي!!
ليه هو انا اللي خليت ليلي ضميرها يأنبها و تحس انها السبب في مۏت ابوها و تطلب الطلاق منك!!
لم يستطع فارس إجابته لأن أبواب جهنم فتحت عليهم 
وابل من الړصاص أصبح متبادل بينهم و بين رجال مروان
و لأن الكثرة تغلب الشجاعة فقد تمكن منهم الرجال
ليخرج مروان مصفقا بيده و قد كبل الرجال فارس و حسام
لا برافو هو انتم متخيلين انكم هتقدروا تدخلوا هنا عادي!!
فين يوسف و هنا!
قالها فارس و هو يتشنح بين يدي ذلك الرجل الذي أقل ما يقال عنه انه أشبه بالحائط بالطبع فارس قوي البنية عريض المنكبين طويل القامة و لكن إذا ما وضع في
مقارنة مع ذاك الرجل سيخسرها بالطبع
اممم اعرف الأول بس انتم مين!
تفوه بها مروان و هو يسير أمامهم باستفزاز ليقول حسام
سلمنا هنا و يوسف و صدقني هتخرج من الموضوع دة و محدش هيجي جنبك!!
ضحك مروان بصوت صادح حتي أدمعت عيناه
تصدق ضحكتني و مين اللي قالك ان حد هقدر يجي جنبي!!
اا 
قطع حديث حسام فارس قائلا بقلق
تقصد
اية بكلامك دة!!
أمم مش هقولولكم انا هسيبكم تشوفوا بعنيكم!!
و بإشارة منه تحرك الرجال المقيدين لهما إلي الداخل
جحظت عيناهما و قد هالهما المشهد 
كان يوسف مقيد من ذراعيه و ساقيه بسلاسل حديدية في الجدار
لا يوجد مكان في جسده خالي من الچروح و الكدمات فاقد للوعي
صړخ فارس باسمه قائلا
يوسف انت عملت فيه اية و رحمة امي انا هندمك علي اللي انت عملته دة!!
اقترب منه مروان و هو يربت علي كتفه قائلا
لا اهدي كدة دة انا بس قرصت ودنه علشان ميبصش لحاجة مش بتاعته دة انت لسة ما شوفتش القمورة التانية!!
تقدم رجل من رجاله و هو يحمل هنا 
و في ذلك الوقت و وسط حالة الصدمة المسيطرة علي الجميع كانت الشرطة قد أتت
و دخل كلا من أحمد و ليلي التي ما إن رأت شقيقتها علي هذا الحال
صكت وجهها و هي تبكي قائلة
يا نهار اسود يا نهار اسود هنا!!
وقفت الشرطة محاصرة مروان و رجاله ليستسلم راميا أرضا 
في ظرف ساعة كان الأمر منتهي انتهي كل شيء كما بدأ حتي هنا تلك المسكينة التي أنتهت و تحولت حياتها مائة و ثمانون درجة!!
دخلت معها ليلي إلي سيارة الإسعاف و هي لا تكف عن البكاء و الصك علي وجهها
و في سيارة إسعاف أخري كان فارس مصاحبا ل يوسف صديق دربه و الذي كان بمثابة أخيه 
بكي بحړقة و هو يمسح علي شعره قائلا
قوم يا صاحبي و الله ما هسيب حقك قوم متسبنيش لوحدي يا يوسف مش انت اللي قولتلي أن احنا هنفضل مع بعض علطول!!
في حديقة هادئة بعيدة عن كل هذه الأحداث الصاخبة و في قصر كبير متسع و لكنه فارغ الا من شخصين
كانت تجلس فتاة في نهاية عقدها الثاني بيضاء البشرة ذات
خطوبة اية يا فهد و احنا منعرفش بابا فين!
تنهد و هو يمسك كفيها بحب و يقول
يا داليا سيبك من موضوع بابا دة انا هتصرف فيه ركزي انتي في حياتك اللي جاية كفاية كدة بقا 
نزلت دموعها معلنة رفضها لحديثه و قالت
يا فهد مهما حصل دول هيفضلوا أبونا و أمنا و مش هنقدر ننساهم!!
بس عارهم هيفضل يلاحقنا طول عمرنا!
صمتت فهذه هي الحقيقة التي لا يستطيع عقلها تصديقها 
ضمھا إليه و هو يقول
يا حبيبتي انا مقولتش أن احنا هننساهم انا هدور علي بابا و مش ههدي غير لما اجيبه بس انا عايزك تركزي في خطوبتك و بس!!
طيب و ماما!
أغمض عينيه محاولا محي أي ذكري في قلبه لهذه المرأة 
هي اختارت انها تسيبنا يا داليا و تمشي في طريق نهايته سد يبقي احنا كمان ننساها 
انا مش فاهمة يعني بابا قرر يرجع عن الطريق اللي كان ماشي فيه و رجع مصر و فجأة اختفي هي عرفت منين طيب و هي كمان مرجعتش معاه ليه انا مش فاهمة حاجة يا فهد!!
و لا انا كمان فاهم حاجة يا داليا بس متقلقيش كل حاجة هتوضح قريب 
كانت تهرول بوهن بمساعدة فاطمة و نور في الردهة الخاص بالمشفي كادت أن تتعثر مرفت مرات عديدة و هي تبكي ناطقة باسم ابنتها
هنا يا رب ما يكون حصلها حاجة يا رب ما تبتلنيش في حد من ولادي يا رب!!
وصلن نحو بهو واسع يجلس فيه حسام و أحمد انطلقت مرفت نحوهما قائلة بهلع
آية اللي حصل طمنوني عليها هي فين!!
اهدي يا طنطهي مع ليلي في العمليات 
قالها أحمد مربتا علي كتفها ليطمئنها و هو يساعدها علي الجلوس لتقول هي پبكاء
عمليات ليه!! هنا حصلها اية يا احمد رد عليا يا ابني!!
نظر نحو حسام بتوتر ليقول حسام بتلعثم
يا طنط هي بس كان مغمي عليها

و ليلي بس حبت تطمن عليها مش أكتر
نظرت له فاطمة و نور بعدم تصديق فسحبته نور بهدوء لتسير خلفها فاطمة
قالت نور بتساؤل
هنا حصلها اية يا حسام!!
ضړب كفيه ببعض و قال
بضيق
يا حبيبتي ما حصلهاش حاجة 
يعني عشان كان مغمي عليها
 

تم نسخ الرابط